+ تاريخ المسيحية في شمال افريقيا الجزء الثاني +
رأينا في الجزء الاول بداية المسيحية في المنطقة ومن حملها الينا ورأينا غموضا كبيرا ميز القرن الاول بسببب انعدام الادلة التي توضح الامر
وقد اختلف المختصون في تحديد كيفية انتشار المسيحية فمنهم من يرى أن الموقع الجغرافي جعل منطقة شمال افريقيا منطقة مفتوحة على العالم القديم من المنفذ الشرقي برا وبحرا عبر مصر والمدن الخمس (1) فمن هذا المنفذ جاء المبشرون كما جاء التجار الشرقيون الذين لعبوا دورا بارزا في التبشير بالمسيحية في قرطاج عبر الطرق التجارية المعروفة من ايام الدولة القرطاجية وهناك منفذ روما التي بشر فيها القديس بطرس الرسول وبولس الطرسوسي
وهناك عامل اخر وهو مساهمة اليهود اللوبيين في نشر الدين الجديد وقد رأينا في الجزء الاول النص الذي في الكتاب المقدس يتحدث عن وجود يهود من قوريني امنوا في يوم الخمسين فالمسيحية احتضنتها البيع اليهودية
ومن عوامل انتشارها كذلك هي تعاليم المسيحية الروحية الداعية الى عبادة اله واحد و المساواة الاجتماعية والعدالة والتسامح وحب الخير والمؤاخاة بين المؤمنين فقد اعادت ترتيب المجتمع على حسب الايمان وليس على حسب الغنى والفقر وهذا ما افتقدته الديانة الوثنية وعبادة الامبراطور وما افتقده القانون الروماني الذي كان يميز بين الطبقات ويكرسها ولهذا نفهم سبب معارضة الطبقة الارستقراطية للمسيحية التي تضرب مصالحها في الصميم لانها تطلب منهم التخلي عن املاكهم والقابهم والتساوي مع كل الناس وكيف يتساوى السيد مع عبده ؟ فكان القديس ترتيليانوس يخاطب الوثنيين قائلا "ان ما يؤاخي بيننا هو هذه الممتلكات التي تفرق فيكم الاخوة ... اننا موحدون ذهنيا ولا نتردد في تقسيم ممتلكاتنا بيننا , ان كل شيئ مشترك بيننا ماعدا ازواجنا "
وهو بهذا الخطاب يطبق كلام المسيح للشاب الغني الذي طلب منه المسيح ان يتخلى عن املاكه لاجل ان يتبعه
مرقس: 10: 21 -22 |
مرقس: 10 : 23 |
لهذا لم يتقبل اغلب الارستقراطيين هذه التعاليم وقد اشار الى الامر الاستاذ الدكتورمحمد البشير شنيتي في كتابه "نوميديا وروما الامبراطورية تحولات اقتصادية واجتماعية في ظل الاحتلال" صفحة 324- 325 وبهذا وجد الامازيغ في الديانة الجديدة خير معزي للبؤس الاقتصادي والاجتماعي الذي كانوا يعانونه
لقد اعادت المسيحية للفقراء والعبيد والضعفاء انسانيتهم بتلك التعاليم السمحة وواستهم في شقائهم فكان اغلب من احتضن المسيحية وقبلها من الطبقة الكادحة المعدمة التي كانت تقرا كلمات المسيح وتستمد منها الصبر والقوة
ومما ساعد على انتشارها كذلك مايعرف بالسلم الروماني
وقد قوية المسيحية نوعا ما عندما انظم الى صفوفها بعض العائلات الغنية التي انفقت اموالها على الفقراء وحررت العبيد بغية ان ينالوا الخلاص عن طريق الاعمال الصالحة كالصدقة .
وزاد هذا التضامن داخل البيت المسيحي من درجة الترابط بين افرادها فكانوا يتبرعون للكنيسة كل حسب قدرته ليتم نوزيع ذلك على فقراء المسيحية يقول القديس ترتليانوس
"لقد كان كل واحد منا يتبرع تبرعا صغيرا في اليوم ... ويتم هذا التبرع حسب امكانياته المالية ويكون ذلك اختياريا " وكانوا يحضرون لتناول وجبة العشاء معا ويسمونها وليمة المحبة واظنهم يفعلون ذلك اقتداءا بالمسيح وعشاءه الاخير مع تلاميذه المسمى أفخاريستيا (2)
القديس ترتيليانوس |
يوحنا : 15 - 12 - 13 -14- 15- 16- 17 |
لقد انتشرت المسيحية في الشرق والغرب بشكل كبير حتى وصلت الى داخل المعسكرات الرومانية فاعتنق العديد من الجنود الرومان ومن جنود المستعمرات الديانة المسيحية وظهرت الدعوة الى الفرار من الجندية لانها منافية وروح الرحمة التي تنادي بها المسيحية وكذلك رفض المسيحيون عبادة الامبراطور والالهة المتعددة وهذا يعد بمثابة تمرد علني عليه وعلى الامبراطوية كما اضروا بالاقتصاد الروماني مما أقلق السلطات الرومانية لتفتتح سلسلة الاضطهادات ضد المسيحيين والتنكيل بهم وقد كانت فاتحة الاضطهاد في عهد الامبراطور نيرون سنة 64 م
الامبراطور نيرون (37 م -68م) |
تعليقات
إرسال تعليق